أثر الصداقة في مصير الانسان

تقوم الصداقة على أسس هي عبارة عن المحبّة والتمسّک بالأخلاق الحمیدة والآداب المجیدة. وقد صُنّفت في وادي الصداقة والاصدقاء مصنفات ثمينة ومؤلفات قيمة، کلّ واحد ینظر إلیها من منظاره الخاصّ، ولما یحمل من خلفیّات ثقافیّة، ربما تنحرف عن الحقائق والواقع، لفقدان الاحاطة الكاملة بمکنونات الإنسان وزوایا ضمیره وجوانحه، ولکن من ارتبط بالوحی، کالأنبیاء وأوصیائهم، فإنّهم فی تربیة الإنسان یصیبون الحقیقة، لما یحملونه من العلم اللّدنّی المطابق للواقع.

الصداقة

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "الرفيق ثم الطريق"[1]

لأن من أراد أن یسلک طریق الحیاة بزاد وراحلة بأمان وسلامة، لا بدّ له من صدیقٍ یکنّ له الصدق والصفاء والمحبّة والوفاء، فیعینه فی حلّ مشاکل الحیاة ویرافقه فی الضرّاء والسرّاء، حاملا عنه أعباء المصاعب والمتاعب.

قال الشاعر: " فسافر ففی الأسفار خمس فوائد * تفرّج همٍّ واکتساب معیشة وعلم وآداب وصحبة ماجد "

إن حسن المعاشرة والصداقة من العبادات، وعلیها تدور رحی الحضارات والتقدّم والازدهار، فإذا انهارت الاُسس الأخلاقیة والمبادئ القیّمة فی أیّ مجتمع، فإنّه سرعان ما یسقط ویهوی.

قال رسول الله صلی الله علیه وآله :" أبی الله عزّ وجل لصاحب الخلق السیّء بالتوبة ، فقیل له : وکیف ذلک یا رسول الله ؟ فقال: إذا تاب من ذنب وقع فی ذنب أعظم منه "[2]

فلابد من الدقة في اختيار الصديق، فإن حسن خلق الصديق، به تعمر البلاد. قال الرسول الأکرم صلى الله عليه وآله: " أکثر ما تلج به اُمّتی الجنّة، تقوی الله وحسن الخلق، وهما یعمران البلاد ویزیدان فی الأعمار".[3]

إنّ روح العبادات والطقوس الدینیة، إنّما هی بعد الإصلاح الأخلاقی، فقد مدحوا امرأة عند الإمام الصادق عليه السلام بالصوم والصلاة، فسأل عليه السلام عن کیفیّة معاملتها مع جیرانها، فذموها، فقال عليه السلام: "إذن لا خیر فی صلاتها وصیامها ".[4]

فمن هذا يأتي التأكيد على حسن الخلق واختيار الصدیق الجیّد، لأن الجلیس یؤثّر فی طباع الإنسان، يقول الشاعر:

وصاحب أخا ثقة تحضى بصحبته* فالطبع مكتسب من كل مصحوب

كالريح آخذة مما تمر به * نتنا من النتن أو طيبا من الطيب

المصادر:

[1] . الوسائل، ج 8، ص 299، الباب 30 من أبواب آداب السفر، الحديث 1

[2] . جامع السعادات للنراقي، ج1، ص 344.

[3] . الکافي، ج2، ص100.

[4] . عدة الداعي، ص 311.