الردة بعد رحيل النبي

لماذا الصلاة سراً :الصلاة من أركان الإسلام الأساسية. وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه المسألة بقوله تعالى: "الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ"

وبعد الانقلاب الذي وقع في سقيفة بني ساعدة على خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله، علي عليه السلام، لحقت إصابات قاتلة بوحدة الأمة الإسلامية. التي من آثارها خوف إقامة الصلاة الا سرّاً.

إقامة الصلاة سرا في رواية حذيفة

قال أحمد بن حنبل: "حدثنا عبد الله حدثنی أبی ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال قال رسول الله ص: أحصوا لي كم يلفظ الإسلام قلنا: يا رسول الله أتخاف علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة قال: فقال: إنكم لا تدرون لعلكم أن تبتلوا قال: فابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سرا".

قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.[1]

ولتوجيه هذه الظاهرة قال بعضهم : يشبه أن يكون أشار بذلك إلى ما وقع في أواخر خلافة عثمان من ولاية بعض أمراء الكوفة؛ كالوليد بن عقبة؛ حيث كان يؤخر الصلاة أو لا يقيمها على وجهها، وكان بعض الورعين يصلي وحده سرًا، ثم يصلي معه خشية من وقوع الفتنة.[2]

و رداً على هذا نقول: إن رواية حذيفة جاءت بصورة مطلقة، فتشمل الفترة التي تلت رحلة رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا تقتصر على زمن خلافة عثمان بن عفان، ولا دليل يثبت ذلك.

لكن الذي يتبادر الى الأفهام أن الرواية تشير الى الارتداد الذي سيحصل بعد رحلة الرسول صلى الله عليه وآله، حتى أنه كان " يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: ‌يَا ‌رَسُولَ ‌اللَّهِ ‌أَتَخَافُ ‌عَلَيْنَا وَقَدْ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ"[3]

فكان عليه السلام يتخوف عليهم من ذلك، لذا قالوا له: أتخاف علينا...

وإذا نظرنا الى حديث حذيفة الآخر، يتضح الأمرأكثر فانه قال: "الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ بَيْنَكُمُ الْيَوْمَ أَشَرُّ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، كَيْفَ ذَلِكَ؟، قَالَ: «إِنَّ أُولَئِكَ أَسَرُّوا نِفَاقَهُمْ، وَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَعْلَنُوهُ"[4].[5]

المصادر:

[1] . مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج5، ص384، رقم: 23307.

[2] . فتح الباري، ج 6، ص 178.

[3] . الدعاء، الطبراني، ص378.

[4] . مسند البزار المنشور باسم البحر الزخار، ج 7، ص 283.

[5]. مصدر المقال: https://www.adyannet.com/fa/news/41826