عِظَم رزية كربلاء

بداية يجب أن نفهم حجم حادثة الإمام الحسين في شهر محرم وبعد ذلك نبحث عن أسبابها. ولا ينبغي لأحد أن يقول إن واقعة عاشوراء كانت مجزرة قُتل فيها عدد من أهل البيت عليهم السلام وانتهى. لأننا نقرأ في زيارة عاشوراء: "لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِية وَجَلَّتْ وَعَظُمَتِ الْمُصِيبَة"[1]هذه الحادثة كبيرة جداً والمأساة صادمة وفريدة من نوعها. ولكي يتضح مدى عظمة هذه الحادثة، نذكر بإيجاز ثلاث فترات قصيرة من حياة الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام.

كل من يرى هذه الشخصية ويعرفها في هذه الفترات الثلاث، لا يخطر على باله أن هذه الشخصية سيصل بها الأمر إلى ما وصلت إليه في يوم عاشوراء، من الموقف الرهيب، فيُذبح هو وجميع أصحابه وأهل بيته وتُسبى نساءه.

هذه الفترات الثلاث، إحداها فترة طفولته وهو في حماية الرسول الكريم حتى وفاة جده صلى الله عليه وآله، والفترة الثانية فترة الشباب، أي فترة سن 25 سنة حتى نهاية حكم أمير المؤمنين عليه السلام. والفترة الثالثة هي فترة العشرين سنة التي قضاها بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام حتى حادثة كربلاء.

الإمام الحسين في حقبة الطفولة

في زمان فترة الطفولة، كان الإمام الحسين هو ابن النبي صلى الله عليه وآله من بنته فاطمة الزهراء عليها السلام، وجميع المسلمين يعرفون أن النبي قال في حقها: "إنّي لأغْضِبُ لِغَضَبِ فاطِمَة وأرْضى لِرِضاها"[2]فما أعظم هذه الفتاة التي يتحدث عنها الرسول الكريم أمام الناس وعلى الملأ. فهذا أمر غير طبيعي. وقد زوّجها لشخص هو أعلى مستوى من الشرف في المجتمع الإسلامي؛ أعني به علي بن أبي طالب عليه السلام. ذلك الشاب، الشجاع، المخلص، ذو الخبرة، والحاضر في كل المجالات.

في مثل هذه الحالة وُلد هذا المولود وهو الحسين بن علي عليهما السلام. عزيز النبي صلى الله عليه وآله، كان هذا الطفل في يوم يمشي في المسجد فيعثر ويسقط والنبي يخطب على المنبر، فينزل رسول الله من على المنبر ويحتضن هذا الطفل ويهدئه.

كان هذا الطفل هو وأخوه الإمام الحسن وهما في سن السادسة أو السابعة من العمر فيقول النبي في حقهما: "سيدا شباب أهل الجنة" وهما ما زالا طفلين، لم يصلا إلى سن الشباب. مع ذلك النبي يقول: أنهما "سيدا شباب أهل الجنة"[3]

فهل يخطر ببال أحد يومئذ أن هذا الطفل ستقتله أمة النبي بغير جرم يرتكبه؟ هذا التصور غير معقول ذلك الوقت. إذن ماذا حدث حتى وصل الأمر بأمة الإسلام إلى الانقلاب على الثوابت الإسلامية وتحيط بسيد شباب أهل الجنة وتقتله شرّ قتلة وتسبي نساءه.

المصادر:

[1] . بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ج ٩٨، ص ٢٩٤.

[2] . کنزالعمال، المتقي الهندي، ج12، ص111.

[3] . شرح النووي على مسلم، النووي، ج 16، ص 41.