مظاهر الجزع بين العرف والدين

11:13 - 2024/07/27

في عالم مليء بالتحديات والأحزان، تبقى المشاعر الإنسانية وحالة الجزع جزءاً لا يتجزأ من التجربة البشرية. تتجلى هذه الحالة في كثير من الأشكال والأنماط، ويُنظر إليها بعمق في التراث الديني والروائي.

يمكن القول إن مفهوم الجزع يعود إلى معناه اللغوي،[1]ويمكن استخلاصه من كلمة "كل" التي وردت في الروايات، مما يعني أن الجزع لا يقتصر على مصداق واحد، بل له العديد من المصاديق. وبذلك، يمكن اعتبار تمزيق الثياب، الصراخ، الضرب، ضَرْبُ الرأس بالجدار وغيرها من المصاديق على أنها جزع.

وقد ذكر الإمام الباقر عليه السلام معنى الجزع وقال: "أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل ولطم الوجه والصدر وجز الشعر".[2]

وفي القرآن الكريم إشارة إلى بعض مصاديق الجزع، مثل عمى يعقوب عليه السلام بسبب بكائه على فراق يوسف عليه السلام {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ} حتى خاف أولاده أن يفقد حياته {حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ}.[3]

كما أن بكاء الإمام المهدي عليه السلام دمًا في مصيبة الإمام الحسين عليه السلام يعد من مصاديق الجزع: "ولأبكين عليك بدل الدموع دما".[4]

وفي حديث معتبر عن زائدة عن الإمام علي بن الحسين عليهما السلام، قال: "وكيف لا أجزع وأهلع وقد أرى سيدي وإخوتي وعمومتي وولد عمي وأهلي مصرعين بدمائهم مرملين بالعراء مسلبين لا يكفنون ولا يوارون".[5]

الجزع

الجزع في دعاء الندبة

وفي دعاء الندبة ورد: "فعلى الأطايب من أهل بيت محمد وعلي فليبك الباكون، وإياهم فليندب النادبون، ولمثلهم فلتذرف الدموع، وليصرخ الصارخون، وليضج الضاجون، وليعج العاجون".[6]

صفوان الجمال يقول إنه خرج مع الإمام الصادق عليه السلام من المدينة حتى وصلوا إلى موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام، فأخذ الإمام حفنة من التراب وشمها، ثم صرخ صرخة اعتقدت معها أنه فارق الحياة "ثم شهق شهقة حتى ظننت أنه فارق الدنيا".[7]

يمكننا الاستنتاج بأن الجزع هو تعبير عميق عن الحزن والأسى، ويشمل العديد من الأشكال مثل الصراخ والبكاء والضرب. يعد الجزع حالة إنسانية طبيعية تتجلى في أشد الأوقات صعوبة، وقد حظيت بتفسير وتوجيهات دقيقة في الروايات الإسلامية. تبرز أهمية تفهم هذه الحالة ومظاهرها المختلفة، ليس فقط كجزء من التراث الديني، بل أيضاً كوسيلة للتعاطف مع الآخرين والاعتراف بعمق المشاعر الإنسانية.

المصادر:

[1] . قاموس قرآن، علي اكبر قرشي، ج2، ص34.

[2] . وسائل الشيعة، الحر العاملي ج3، ص271.

[3] . سورة يوسف، الآية 85.

[4] . بحارالانوار، محمد باقر المجلسي، ج98، ص320.

[5] . کامل الزیارات، ابن قولويه القمي، ص260.

[6] . اقبال الاعمال، ابن طاووس، ج1، ص508

[7] . بحارالانوار، محمد باقر المجلسي، ج97، ص235.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
6 + 12 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.