قام كل من أئمة أهل البيت عليه السلام بالواجب الإلهي حسب ظروف الزمان والمكان المناسب له؛ بحيث لو كان كل إمام في مكان آخر لقام بنفس المهمة.
لقد تزينت حياة الإمام الباقر عليه السلام، كآبائه الكرام، بأخلاق عالية، متبعاً السنة النبوية الطاهرة، وناشراً العلم الإلهي بين أصحابه وخواصّه.
الإمام الباقر قدوة العابدين
وصف ابن حجر الإمام محمد الباقر عليه السلام بقوله: "ورث العبادة، والعلم والزهد من أبيه زين العابدين"[1]
وفي رواية عن أفلح مولى الإمام محمد بن علي قال: "خرجت مع محمد بن علي حاجا فلما دخل المسجد الحرام نظر إلى البيت فبكى حتى علا صوته فبكى الناس لبكائه فقيل له لو رفقت بنفسك قليلا فقال لهم أبكي لعل الله ينظر إلى منه برحمة فأفوز بها غدا قال ثم طاف بالبيت حتى جاء فركع عند المقام فرفع رأسه من سجوده فإذا موضع سجوده مبتلا كله من دموعه"[2]
ويقول ابن الصباغ المالكي: "كان محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام - مع ما وصفناه به من العلم والفضل والسؤدد والرئاسة والإمامة - ظاهر الجود في الخاصة والعامة مشهور الكرم في الكافة معروفا بالفضل والإحسان مع كثرة عياله وتوسط حاله".[3]
الإمام الباقر والاستسلام للشدائد
وقال ابن قتيبة في كتابه أخبار الدول في الإمام الباقر عليه السلام، قال: كان محمد بن علي عليه السلام يستسلم للشدائد، وقد اشتكى بعض أهل محمد بن عليّ بن الحسين فجزع عليه، ثم أخبر بموته فسرّي عنه؛[4]فقيل له في ذلك، فقال: ندعو الله فيما نحبّ، فإذا وقع ما نكره لم نخالف الله فيما أحبّ.[5]
ونقل ابن الصباغ المالكي والشبلنجي حالة وفاة الإمام الباقر قال:"عن جعفر الصادق عليه السلام قال: كنت عند أبي في اليوم الّذي قبض فيه فأوصاني بأشياء في غسله وتكفينه وفي دخوله قبره قال: فقلت له: يا أبت واللّه ما رأيتك منذ اشتكيت أحسن منك اليوم ولا أرى عليك أثر الموت فقال: يا بنيّ أما سمعت عليّ بن الحسين يناديني من وراء الجدار يا محمد عجّل"[6]
المصادر:
[1] . الصواعق المحرقة، ابن حجر، ص 201.
[2] . تاريخ دمشق، ابن عساكر، ج 54، ص 280.
[3] . الفصول المهمة في معرفة الأئمة، ابن الصباغ، ج ٢، ص ٨٩٢.
[4] . زال عنه الهمّ.
[5] . عيون الأخبار، ابن قتيبة، ج 3، ص 66.
[6] . الفصول المهمة في معرفة الأئمة، ابن الصباغ، ج ٢، ص 904.