ابن تيمية وغزوة ذات السلاسل

ابن تيمية وغزوة ذات السلاسل

ذكر العلاّمة الحلي في منهاج الكرامة غزوة ذات السلاسل وما حدث فيها فقال:

جاء أعرابي فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن جماعة من العرب قصدوا أن يكبسوا عليه بالمدينة ، «فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من للوائي؟ . فقال أبو بكر: أنا له، فدفع إليه اللواء، لكنه رجع ثم قال في اليوم الثاني: من للوائي؟ . فقال عمر: أنا ، فدفع إليه الراية ففعل كالأول، فقال في اليوم الثالث : أين علي؟ فقال علي: أنا ذا يا رسول الله فدفع إليه الراية ، ومضى إلى القوم، ولقيهم بعد صلاة الصبح، فقتل منهم ستة أو سبعة، وانهزم الباقون، وأقسم الله تعالى بفعل أمير المؤمنين فقال: (والعاديات ضبحا)[1]

وأنكر ابن تيمية ما نقله العلامة الحلي في حق أمير المؤمنين، وذلك لشدة بغضه وموقفه من فضائل الامام علي عليه السلام ، اضافة الى نظرته السلبية من روايات أهل البيت المنقوله في كتب الشيعة.

فعن الإمام الصادق « عليه السلام » : أن النبي « صلى الله عليه وآله » وجَّه عمر بن الخطاب في سرية فرجع منهزماً ، فأرسل علياً « عليه السلام » وأمره أن لا يفارقه العين ، فأغار عليهم ، فنزلت :( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً )[2].

وفي رواية أخرى: فأخذ الراية علي ، وضم إليه أبا بكر وعمر وعمرو بن العاص ، ومن كان معه في تلك السرية . إلى أن كبس المشركين وقت الصبح ، فظفر بهم ، وشد الرجال في الحبال كالسلاسل ، فلذلك سميت غزاة ذات السلاسل .

نزول سورة العاديات بمناسبة غزوة ذات السلاسل

و خرج النبي « صلى الله عليه وآله » فصلى بالناس الفجر ، وقرأ : « والعاديات » في الركعة الأولى ، وقال : هذه سورة أنزلها الله عليَّ في هذا الوقت ، يخبرني فيها بإغارة علي على العدو[3].

فلما رجع واستقبله النبي « صلى الله عليه وآله » والمسلمون . . قال له : « لولا أني أشفق أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم مقالاً لا تمر بملأ من الناس إلا وأخذوا التراب من تحت قدميك »[4].

لكن ابن تيمية يستمر في عناده ويجعل عمرو بن العاص بطل غزوة ‌ذات ‌السلاسل ويقول: فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أرسل عمرا في سرية، وهي غزوة ‌ذات ‌السلاسل ، وكانت إلى بني عذرة، وهم أخوال عمرو، فأمر عمرا ليكون ذلك سببا لإسلامهم، للقرابة التي له منهم، ثم أردفه بأبي عبيدة، ومعه أبو بكر وعمر وغيرهما من المهاجرين.[5]

 وانكر وجود علي عليه السلام في معركة ‌ذات ‌السلاسل ، فقال: وليس لعلي فيها ذكر.[6]  كما انكر ولاية عمرو بن العاص على ابي بكر وعمر الموجودين تحت امرته، فقال : ولم يول النبي - صلى الله عليه وسلم - على أبي بكر لا أسامة بن زيد، ولا عمرو بن العاص. [7] وهذا على عكس ما فهمه نفس ابن العاص حيث قال:«فحدثت نفسي إنه لم يبعثني على أبي بكر وعمر إلا لمنزلة عنده»[8]

وأنكر انهزام ابي بكر وعمر بقوله: «فأبو بكر وعمر لم ينهزما قط»[9] والحال أن كثيرا من التصانيف تذكر انزامهما في الحروب والغزوات، قال في المصنف: «فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث أبا بكر فسار بالناس فانهزم حتى رجع إليه، وبعث عمر ‌فانهزم ‌بالناس حتى انتهى إليه»[10] وجاء مثله في الزوائد.[11]

المصادر

[1] - سورة العاديات، آية 6.

[2] - أمالي ابن الشيخ، ص 259 و 260.

[3] - بحار الأنوار، ج 21 ص 76 و 77.

[4] - الإرشاد للمفيد ج 1 ، ص 164 و 165.

[5] - منهاج السنة النبوية ، ج5 ، ص 491.

[6] - منهاج السنة النبوية،ج 8، ص 118.

[7] - المصدر، ج 5، ص 491.

[8] - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، ج 6، ص 171.

[9] - منهاج السنة النبوية، ج 8،ص 118.

[10] - مصنف ابن أبي شيبة،ج 18، ص 60 ت الشثري

[11] - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد،ج 9،ص 124.