من المواضيع التي اثارت الوهابية والسلفية حولها الكلام مسألة البناء على القبور التي تُعد من السنن الحسنة.
ابن تيمية والبناء على القبور
قام ابن تيمية بمهاجمة من بنى على القبور سواء كانوا من الشيعة او أهل السنة، وقد أكثر من سبه واتهامه وطعنه وافترائه لمن يفعل ذلك .
كل ذلك ظنّا منه أن ما يقومون به هو خلاف الدين، لكن الصحيح أن ذلك العمل احترامٌ لصاحب القبر، وباعثٌ على زيارته، وعلى عبادة الله عزّ وجلّ ـ بالصلاة والقراءة والذكر وغيرها ـ عنده، بل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله والولي هو إعلاء لشأن الدين. فعن النبيّ صلّى الله عليه وآله : «من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها».[1]
ابن تيمية وترويج الأفكار الخاطئة
فابن تيمية لترويج أفكاره قام بعدة محاولات، منها اتهام الشيعة بالحماقة والكذب، قال : " فكم كذبوا الناس وادعوا أن في هذا المكان ميتا من أهل البيت ، وربما جعلوه مقتولا ، فيبنون ذلك مشهدا ، وقد يكون ذلك قبر كافر أو قبر بعض الناس ، ويظهر ذلك بعلامات كثيرة " .[2]
ومنها محاولته ايجاد مشابهة بين الشيعة والنصارى، فزعم ان الرافضة غلوا في الرسل و الائمة حتى اتخذوهم أربابا من دون الله ، فتركوا عبادة الله وحده لا شريك له التي أمرهم بها الرسل ، وكذبوا الرسول فيما أخبر به ، من توبة الأنبياء واستغفارهم ، فتجدهم يعطلون المساجد التي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، فلا يصلون فيها جمعة ولا جماعة ... فالرافضة بدلوا دين الله ، فعمروا المشاهد وعطلوا المساجد مضاهاة للمشركين ، ومخالفة للمؤمنين .[3]
كما تعرّض ابن تيمية لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : " والأحاديث المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم في زيارة قبره ، كلها ضعيفة بل موضوعة " .[4]
إن البناء على القبور على خلاف ما يعتقده ابن تيمية ، له شواهد عملية من المسلمين على جوازه وهي كثيرة جدا ، مما يدل على قيام السيرة القطعية منهم الكاشفة عن رضا الشارع ، ومن ذلك ما جاء في كلام الحافظ الذهبي بترجمة العباس عم النبي : " ودفن بالبقيع وعلى قبره اليوم قبة عظيمة من بناء خلفاء آل العباس " .[5]
وأما في موضوع التوسل والاستغاثة والاستشفاع وأن المتوسل بعيد عن الشرك وليس كما توهمه ابن تيمية . فقد كفانا تعريض الذهبي بابن تيمية بقوله : " فوالله ما يحصل الانزعاج لمسلم والصياح وتقبيل الجدران وكثرة البكاء ، إلا وهو محب لله ولرسوله ، فحبه المعيار والفارق بين أهل الجنة والنار ، فزيارة قبره " صلى الله عليه وسلم " من أفضل القرب ...وذلك مشروع بلا نزاع ، إذ لا وصول إلى حجرته إلا بعد الدخول إلى مسجده ، فليبدأ بتحية المسجد ، ثم بتحية صاحب المسجد ، رزقنا الله وإياكم آمين " .[6]
المصادر
[1] . ورد الحديث باختلاف يسير في مسند أحمد، ج 4، ص 361.
[2] . منهاج السنة، ج 1 ، ص 50 .
[3] . المصدر، ج 1 ، ص 474 - 479 .
[4] . المصدر، ج 8 ، ص 459 .
[5] . سير أعلام النبلاء، ج 2 ، ص 97 .
[6] . المصدر، ج 3 ، ص484 وج 5 ، ص 358 - 359 .