ارحموا موتاكم

12:00 - 2022/08/25

- الموتى بحاجة إلى الثواب فلا نكتفي بالبكاء عليهم بل هناك أعمال ومثوبات يحتاج إليه الموتى.

الميت

الميت بحاجة إلى الأحياء!

إنّ من الأوجاع التي تنزل على قلب الإنسان فتؤلمه ويبقى الأثر إلى مدة طويلة هو فقد الأحبة، حيث يفقد الإنسان أعز الأفراد من اسرته وأقرباءه وأصدقاءه الذين طالما قضى وقتاً ممتعاً معهم واستأنس بمجالستهم ففي لحظة غير متوقعة يغيبون عن انظاره، ولولا رحمة الله تعالى وتعطفه على الإنسان لهلك من الفراق ففي رواية عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) أنّه قال: إن الميت إذا مات بعث اللّٰه تعالى ملكا إلى أوجع أهله فمسح على قلبه فأنساه لوعة الحزن، و لو لا ذلك لم تعمر الدنيا.[1]

وهل يجدي البكاء والتفجع على الميت ؟

أم أنّه بحاجة إلى الثواب؟ الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام) تقول بأن الميت ينقطع عمله كما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: إِذَا مَاتَ اَلْمُؤْمِنُ اِنْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ.[2]

مضافاً إلى ذلك فإنّ هناك أعمال يصل نفعها وثوابها إلى الميت من قبل أقربائهم أو باقي المؤمنين، من الصلاة والدعاء والاستغفار وباقي الخيرات بل الثواب يعود إلى عاملها أيضاً فقد رُوِيَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ اَلْإِمَامِ اَلصَّادِقِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أَنَّهُ كَمْ مِنْ مَيِّتٍ فِي ضِيقٍ وَ شِدَّةٍ يُوَسِّعُ اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ يَرْفَعُ عَنْهُ ضِيقَهُ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ إِنَّ هَذَا اَلْفَرَجَ اَلَّذِي حَدَثَ لَكَ كَانَ بِسَبَبِ صَلاَةِ أَخِيكَ اَلْمُؤْمِنِ فُلاَنٍ مِنْ أَجْلِكَ. سَأَلَ اَلرَّاوِي: لِي مَيِّتَانِ، هَلْ يُمْكِنُ أَنْ أُشْرِكَهُمَا فِي رَكْعَتَيْ صَلاَةٍ، قَالَ: نَعَمْ، وَ قَالَ: إِنَّ اَلْمَيِّتَ يَفْرَحُ وَ يَحْصُلُ عَلَى اَلْفَرَجِ بِدُعَاءِ اَلاِسْتِغْفَارِ اَلَّذِي يُدْعَى لَهُ كَمَا يَفْرَحُ اَلْمُؤْمِنُ بِالْهَدِيَّةِ تُرْسَلُ إِلَيْهِ، وَ قَالَ: إِنَّ اَلصَّلاَةَ وَ اَلصِّيَامَ وَ اَلْحَجَّ وَ اَلتَّصَدُّقَ وَ سَائِرَ أَعْمَالِ اَلْخَيْرِ تَدْخُلُ إِلَى قَبْرِهِ، وَ يُكْتَبُ ثَوَابُ تِلْكَ اَلْأَعْمَالِ لِمَنْ قَامَ بِهَا وَ لِلْمَيِّتِ كِلَيْهِمَا.

الميت

ثم الوقوف على قبر الميت و الحضور عند أهل القبور والإتيان ببعض الأعمال يوجب الرحمة والغفران والراحة للموتى كما ورد عن رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِذَا قَرَأَ اَلْمُؤْمِنُ آيَةَ اَلْكُرْسِيِّ وَ جَعَلَ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لِأَهْلِ اَلْقُبُورِ أَدْخَلَهُ اَللَّهُ تَعَالَى قَبْرَ كُلِّ مَيِّتٍ وَ يَرْفَعُ اَللَّهُ لِلْقَارِئِ دَرَجَةَ سَبْعِينَ نَبِيّاً وَ خَلَقَ اَللَّهُ مِنْ كُلِّ حَرْفٍ مَلَكاً يُسَبِّحُ لَهُ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ.[3]

وفي رواية أخرى يقول الراوي مررت مع أبي جعفر (عليه السّلام) بالبقيع، فمررنا بقبر رجل من أهل الكوفة من الشّيعة  فقلت لأبي جعفر (عليه السّلام): جعلت فداك، هذا قبر رجل من الشّيعة قال: فوقف عليه، ثمّ قال: اللّهمّ ارحم غربته، وصل وحدته، و آنس وحشته، و اسكن إليه من رحمته رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك، و ألحقه بمن كان يتولاّه، ثمّ قرأ إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ سبع مرّات.

وهناك روايات كثيرة تحثّنا على قراءة القرآن والصلاة والصوم وبعث ثوابه إلى الميت حيث يرتفع بذلك العذاب عن الميت ويستوجب الرحمة الإلهية.

وليعلم القارئ العزيز أنّ برّ الوالدين لا ينحصر في حياتهم بل هذا البر والإحسان يستمر حتى في مماتهم فعن الإمام الصادق (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أنّه قال: قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ أَنْ يَبَرَّ وَالِدَيْهِ حَيَّيْنِ وَ مَيِّتَيْنِ يُصَلِّيَ عَنْهُمَا وَ يَتَصَدَّقَ عَنْهُمَا وَ يَصُومَ عَنْهُمَا فَيَكُونَ اَلَّذِي صَنَعَ لَهُمَا وَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فَيَزِيدُهُ اَللَّهُ بِبِرِّهِ خَيْراً كَثِيراً.[4]

فالبكاء على الميت رحمة وتنفيس عن الروح ولكن لا يتوقف على ذلك فإنّه لا يجدي الميّت شيئاً بل علينا أن نعينه ونرحمه ببعث الثواب إليه.

المصادر:

[1] . الوافي، ج۲۵، ص۵۵۹.

[2] . بحار الأنوار، ج۲، ص۲۲.

[3] . مستدرك الوسائل، ج۲، ص۳۴۰.

[4] . بحار الأنوار، ج۷۹، ص۶۲.

كلمات دلالية: 

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
14 + 5 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.