ثمرة الخوف

12:19 - 2022/08/22

-لکل شیء ثمرة وثمرة الخوف الأمن، الأمن من الأضرار الدنيوية والأخروية.

الخوف

من المفاهيم التي وردت في القاموس الإسلامي والتراث الروائي هو مفهوم الخوف، حيث بيّنت الآيات والروايات جوانب عديدة لهذا المفهوم وأعطت صورة واضحة وصحيحة لمفهوم الخوف، حيث أنّ مفهوم الخوف ينقسم إلى خوف إيجابي وسلبي وإلى ممدوح ومذموم وكذا سائر التقسيمات فنذكر في المقال بعض الجوانب لموضوع الخوف.

الخوف الممدوح

الخوف الممدوح والإيجابي ما كان يدخل الإنسان في طاعة ربه ويؤمن الإنسان من الضرر الدنيوي والأخروي حيث يقول أميرالمؤمنين (عليه السلام): ثمرة الخوف الأمن[1]. وقد ورد عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): فِي قَوْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لِمَنْ خٰافَ مَقٰامَ رَبِّهِ جَنَّتٰانِ. قَالَ: «مَنْ عَلِمَ أَنَّ اَللَّهَ يَرَاهُ، وَ يَسْمَعُ مَا يَقُولُ وَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُهُ مِنْ خَيْرٍ وَ شَرٍّ، فَيَحْجُزُهُ ذَلِكَ عَنِ اَلْقَبِيحِ مِنَ اَلْأَعْمَالِ، فَذَلِكَ اَلَّذِي خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَ نَهَى اَلنَّفْسَ عَنِ اَلْهَوَى».[2]

هذا النوع من الخوف هو نعمة من نعم الله على العباد حيث ينتهي بالإنسان إلى السعادة الأبدية والأمن من الفزع الأكبر وليسعى الإنسان في تقوية هذا الجانب النفسي حتى يصبح له دثاراً وشعاراً فقد أرشدنا أميرالمؤمنين (عليه السلام) إلى ذلك بقوله: خَفِ اَللَّهَ خَوْفَ مَنْ شَغَلَ بِالْفِكْرِ قَلْبَهُ فَإِنَّ اَلْخَوْفَ مَطِيَّةُ اَلْأَمْنِ وَ سِجْنُ اَلنَّفْسِ عَنِ اَلْمَعَاصِي.[3]

الخوف

ولیکن الخوف حقیقیاً قد ملأ الجوانح فيظهر أثره على الجوارح كما قَالَ سَيِّدُ اَلْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ): وَ لَيْسَ اَلْخَوْفُ مَنْ بَكَى وَ جَرَتْ دُمُوعُهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعَاصِي اَللَّهِ وَ إِنَّمَا ذَلِكَ خَوْفٌ كَاذِب.[4]

وَ يُرْوَى: أَنَّ عِيسَى (علیه السلام) مَرَّ بِثَلاَثَةِ نَفَرٍ قَدْ نَحِلَتْ أَبْدَانُهُمْ وَ تَغَيَّرَتْ أَلْوَانُهُمْ فَقَالَ لَهُمْ مَا اَلَّذِي بَلَغَ بِكُمْ مَا أَرَى فَقَالُوا اَلْخَوْفُ مِنَ اَلنَّارِ فَقَالَ حَقٌّ عَلَى اَللَّهِ أَنْ يُؤْمِنَ اَلْخَائِفَ...[5]

كذلك بالنسبة إلى الخوف الدنيوي بأن يخاف على فوات الفرص وفوت العمر والخوف من الوقوع في الأضرار البدنية وأن يخاف على مستقبله ومستقبل أولاده ومن ضياعهم في المجتمع فيسعى للحفاظ عليهم عن طريق التربية الصحيحة وكذا باقي المصاديق للخوف الإيجابي.

الخوف المذموم

الفهم الخاطئ لبعض المفاهيم ينجر إلى متاهات وانحرافات تسبب للإنسان المشقة والمذلة فعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ، قَالَ: حَجَجْتُ وَ سُكَيْنَ اَلنَّخَعِيِّ فَتَعَبَّدَ وَ تَرَكَ اَلنِّسَاءَ وَ اَلطِّيبَ وَ اَلثِّيَابَ وَ اَلطَّعَامَ اَلطَّيِّبَ وَ كَانَ لاَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ دَاخِلَ اَلْمَسْجِدِ إِلَى اَلسَّمَاءِ فَلَمَّا قَدِمَ اَلْمَدِينَةَ دَنَا مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ فَصَلَّى إِلَى جَانِبِهِ فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ، عَنْ مَسَائِلَ قَالَ اِذْهَبْ فَاكْتُبْهَا وَ أَرْسِلْ بِهَا إِلَيَّ، فَكَتَبَ جُعِلْتُ فِدَاكَ رَجُلٌ دَخَلَهُ اَلْخَوْفُ مِنَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّى تَرَكَ اَلنِّسَاءَ وَ اَلطَّعَامَ اَلطَّيِّبَ وَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَ أَمَّا اَلثِّيَابَ فَشَكَّ فِيهَا، فَكَتَبَ أَمَّا قَوْلُكَ فِي تَرْكِ اَلنِّسَاءِ: فَقَدْ عَلِمْتَ مَا كَانَ لِرَسُولِ اَللَّهِ مِنَ اَلنِّسَاءِ، وَ أَمَّا قَوْلُكَ فِي تَرْكِ اَلطَّعَامِ اَلطَّيِّبِ: فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَأْكُلُ اَللَّحْمَ وَ اَلْعَسَلَ، وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّهُ دَخَلَهُ اَلْخَوْفُ حَتَّى لاَ يَسْتَطِيعَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ إِلَى اَلسَّمَاءِ: فَلْيُكْثِرْ مِنْ تِلاوَةِ هَذِهِ اَلْآيَاتِ: اَلصّٰابِرِينَ وَ اَلصّٰادِقِينَ وَ اَلْقٰانِتِينَ وَ اَلْمُنْفِقِينَ وَ اَلْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحٰارِ.[6] فقد صحح الإمام (عليه السلام) فهمه الخاطئ بالنسبة إلى مفهوم الخوف.

هذا بالنسبة إلى الأمور المعنوية وأما الخوف المذموم بالنسبة إلى الأمور الدنيوية فهو نظير الخوف من الموت في سبيل الدفاع عن النفس والأهل والوطن حيث ينتهي إلى المذلة فقد قال الإمام الصادق (عليه السلام): إِنَّ اَللَّهَ نَزَعَ اَلْخَوْفَ مِنْ قُلُوبِ شِيعَتِنَا وَأَسْكَنَهُ قُلُوبَ أَعْدَائِنَا فَوَاحِدُهُمْ أَمْضَى مِنْ سِنَانٍ وَأَجْرَى مِنْ لَيْثٍ يَطْعَنُ عَدُوَّهُ بِرُمْحِهِ وَيَضْرِبُهُ بِسَيْفِهِ وَيَدُوسُهُ بِقَدَمِهِ.[7]

 كذلك الخوف من الفقر، الخوف من خسارة كرسي الرئاسة الذي طالما كدح من أجله فإنّ ذلك يسلب راحته ويؤدي إلى هلاكه.

المصادر:

[1] . غرر الحكم و درر الكلم، ص326.

[2] . تفسیر البرهان، ج۵، ص۲۴۲.

[3] . غرر الحکم، ج۱،  ص۳۶۱.

[4] . عدة الداعي، ج1، ص176.

[5] . مجموعة ورّام، ج۱، ص۲۲۴.

[6] . رجال الکشی، ج۱، ص۳۷۰.

[7] . بحارالأنوار، ج۵۲، ص۳۳۶.

كلمات دلالية: 

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
4 + 7 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.