القرآن كلام الله قطعا

إن التشكيك بـ القرآن الكريم في كونه كلاما لله تعالى، ليس أمرا طارئا ولاجديدا، فكم من أصوات تعالت بهذا البهتان والكذب من هنا ومن هناك ماضيا وحاضرا دون أن تقوم لها قائمة، بل كان عاقبة أمرها خسرا.

القرآن الكرم هو كلام اللّه 

إن حقيقة كون القرآن الكريم كلام الله تعالى وأنه خطاب إلهي لعباده لايغيرها ارجاف المرجفين ولاكيد الكائدين، فالقرآن الذي نزل على قلب محمد صلى الله عليه وآله هو من الله تعالى قطعا{ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ }[1]

وقد نسب الله تعالى كلامه إلى الرسول في قوله سبحانه: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ‌}[2]

والسبب في نسبة القرآن إلى الرسول بالرغم من أنّنا نعرف أنّ القرآن كلام تعالى هو أن الرّسول مبلّغ عن الله سبحانه، و خاصّة أنّ الآية ذكرت كلمة «رسول» و هذا يعني أنّ كلّ ما يقوله الرّسول فهو قول مرسله، بالرغم من أنّه يجري على لسان الرّسول، و يُسمع من فمه الشريف[3].

القرآن تحدى المعاندين 

ثم إن أولئك الذين نفوا أن القرآن كلام الله تعالى وافتروا بالقول بأنه نظم شاعر أو كاهن أو ساحر لم يستطيعوا أن يبهروا الناس ولا أحدا من العالمين بنظم يبلغه بلاغة ومنطقا ونظما، سواء من امتلك منهم ملكة نظم الشعر وقرضه، أو الذين يتخذون الكهانة والسحر طريقا، فالذي نجده أن الله تعالى في كتابه العزيز تحدى الإنس والجن على أن يأتوا بمثل القرآن، أو بعشر سور مثله، ثم بسورة منه فما استطاع مستطيع ولا قدر على ذلك أحد، وذلك قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}[4]

وقال أيضًا: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين}َ[5]

وقال سبحانه: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[6]

يقول القطب الراوندي رضوان الله عليه: "اعلم أن كتاب الله المجيد ليس مصدقا لنبي الرحمة خاتم النبيين فقط بل هو مصدق لسائر الأنبياء والأوصياء قبله، وسائر الأوصياء بعده جملة وتفصيلا، وليس جملة الكتاب معجزة واحدة، بل هي معجزات لا تحصى، وفيه إعلام عدد الرمل والحصى.. فالقرآن منظوم على قلة عدد حروفه، وقصر آية، يجمع نظما بديعا، وأمرا عجيبا، وبشارة للرسول، وتعبدا للعبادات بأقرب لفظ وأوجز بيان".[7]

هذا { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}[8] ، بل {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ‌}[9].

فأين هم المتقولون من هذه الحقيقة التي شخصت عندها أبصارهم وحارت معها عقولهم؟!

____________

المصادر:

[1] سورة الشعراء، الآية192-194.

[2] سورة الحاقة، الآية40.

[3] تفسير الأمثل، مكارم الشيرازي، ج18، ص 599. بتصرف.

[4] سورة الإسراء، الآية88.

[5] سورة هود، الآية13.

[6] سورة البقرة، الآية23.

[7] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج٨٩، ص١٢١.

[8] سورة الحاقة، الآية41-42.

[9] سورة الحاقة، الآية43.