الدارس في الآيات والروايات الواردة في الصحابة دراسة علمية عن وعي، يجد بوضوح عدم جواز تقديس الصحابة كلهم كما يحاول ذلك اهل السنة.
الآيات الواردة في الصحابة ، مثل قوله تعالى ( وَما مُحَمَّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللهُ الشّاكِرينَ )[1]
انما تتحدث عنهم بعدة أوصاف وعلامات ثابتة لهم، واذا استثنينا المخلصين الشاكرين، فان البقية منهم وصفهم الله الحكيم بانهم فاسقون، خائنون، متخاذلون، ناكثون، منقلبون على الاعقاب، شاكون في الله ورسوله، مثبطون غيرهم عن الجهاد، فارون من الزحف، معاندون للحق، عاصون لأمر الله ورسوله، مُنفضّون الى اللهو والتجارة، تاركون للصلاة، قائلون ما لا يفعلون، يمنّون على الله اسلامهم، رافعون اصواتهم فوق صوت النبي ،سمّاعون للمنافقين وغير ذلك.
الصحابة في الروايات
وكذلك السنة، فان النبي صلى الله عليه وآله اخبرنا بان في الصحابة مرتدين ومارقين وناكثين وقاسطين وفيهم من لا تنفعه الصحبة. بل تكون عليه حجة قد يتضاعف عذابه يوم القيامة.
فما ذنب الشيعة اذن لما تجد هذه الاوصاف القادحة للصحابة في الايات والروايات؟
إن القران الكريم استخدم للتعبير عن الردة الى الجاهلية كلمة (انقلبتم على اعقابكم) وهو تعبير يصور التراجع و العودة عن الدين دون التولي عن القتال، واذا قيل إن الله تعالى أعلن رضاه عن الصحابة، بقوله تعالى ( لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة)[2]
فجوابه انا لا ننكر أن الله تعالى أعلن رضاه عن الصحابة في بيعة الرضوان، لكن نقول ان الاية لا تتضمن رضاه على أعمالهم الى آخر حياتهم، اضافة الى أن الله تعالى رضي عن الذين سماهم بالشاكرين لا المنقلبين على الاعقاب الذين ارتدوا على ادبارهم بعد ارتحال النبي صلى الله عليه وآله وتسببوا ضلالة أغلب المسلمين.
وبعبارة أخرى، إن الجمع بين الآيتين يقتضي القول بأن الشاكرين من الصحابة هم الاقلية الذين لم ينقلبوا وثبتوا على العهد الذي ابرموه مع رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يبدلوا تبديلا.
والقران علّمنا أنه لا أساس لتقديس الصحابة جماعيا، اذ من الصحابة من كان من المنافقين كما قال تعالى (و من اهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون الى عذاب عظيم)[3]
فالنتيجة اذن أن تقديس الصحابة جماعيا مرفوض شرعا بحجة أن ذنوبهم لا شئ في مقابل بحور حسناتهم.
المصادر:
[1] . سورة آل عمران، الآية 144.
[2] . سورة الفتح، الآية 18.
[3] . سورة التوبة، الآية 101.