عقيدة الشيعة في التبرك بآثار الصالحين

التبرك هو أن يطلب الإنسان البركة عن طريق بعض الأمور والأشياء التي جعل الله تعالى لها شأنًا ومكانة وفضّلها على غيرها وخصّها بالبركة.

وسيرة أهل البيت (عليهم السلام) والصحابة في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) وبعد مماته خير دليل على جواز التبرك فإنهم كانوا يتبركون بماء وضوءه وشعره وعرقه وبعد مماته يتبركون بقبره ومنبره وآثاره.

ولا شك أنّ هذه الأعمال لا تمس بالتوحيد لأنهم يعتقدون أن هذه البركة من الله تعالى وقد جعلها طريقًا لطلب البركة وأراد أن يميّز بعض الأشياء والأمور عن بعضها ويعطيها قدسية لكي يعلم الناس جلالة قدرها وعظم شأنها ومنزلتها كما قال في كتابه العزيز: وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ[1].

والشيعة بناءا على التوحيد في الاعتقاد والعمل يتبركون ببعض آثار الصالحين إذ لا مانع في البين ولا نهي في الشرع يدل على محظورية التبرك بل التبرك ببعضها يؤدي إلى الإرتباط الروحي بين المتبرك والمتبرك به وبآثاره.

ولنذكر يسيرًا من سيرة أهل البيت (عليهم السلام) والصحابة في التبرك بالنبي وآثاره في حياته وبعد مماته.

روى عَوْن بْن أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، وَرَأَيْتُ بِلاَلًا أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَاكَ الوَضُوءَ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ.[2]

وعن أنس قال: رأيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) والحلاّق يحلقه وقد أطاف به أصحابه ما يريدون أن تقع شعرة إلاّ في يد رجل.[3]

وروايات أخرى تقول بأن الصحابة تتبرك بعرق النبي وبجسده المبارك، وهذه النقل يرتبط بحياة النبي وأما الروايات التي نقلت تبرك الصحابة بآثار النبي فهي جمة ذكرت في كتب الفريقين.

فعن يزيد بن عبدالله بن قسيط قال: رأيت ناساً من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله) إذا خلا المسجد أخذوا برمانة المنبر الصلعاء التي تلي القبر بميامنهم ثم استقبلوا القبلة يدعون.[4]

وفي قصة نزول النبي(صلى الله عليه وآله) في بيت أبي أيوب الأنصاري عندما قدم مهاجراً الى المدينة، قال أبو أيوب: وكنا نضع له العشاء ثم نبعث، فإذا ردّ علينا فضله تيممت أنا واُمّ أيوب موضع يده فأكلنا منه نبتغي بذلك البركة.[5]

ثم من الأدلة الواضحة على جواز التبرك هي سيرة أهل البيت (عليهم السلام) فإنهم كانوا يتبركون بقبر جدهم (صلوات الله عليهم) وبآثار بعضهم.

فعن ابن فضال، قال: رأيت أبا الحسن(عليه السلام) وهو يريد أن يودع للخروج الى العمرة، فأتى القبر من موضع رأس رسول الله(صلى الله عليه وآله)، بعد المغرب، فسلّم على النبي(صلى الله عليه وآله)، ولزق بالقبر.[6]

وعن الإمام الصادق(عليه السلام): إن الله جعل تربة الحسين(عليه السلام) شفاءً من كل داء، وأماناً من كل خوف، فإذا أخذها أحدكم فليقبّلها وليضعها على عينه وليمرّها على جسده.[7]

وإلى يومنا هذا نرى المسلمين يتبركون بقبر النبي وبمنبره وآثاره وبالقرآن وبأستار الكعبة وبالحجر الأسود ويقصد المسلمون قبور الأئمة المعصومين من مختلف المذاهب والأوطان.

المصادر:

[1] .الأنعام، الآية155.

[2] .صحيح البخاري، ج1، ص84.

[3] .مسند أحمد، ج3، ص591.

[4] . الطبقات الكبرى، ج1، ص254.

[5] . البداية والنهاية، ج3، ص201.

[6] .بحار الأنوار، ج100، ص157.

[7] .المصدر، ج101، ص119.