عقيدة الشيعة في الخلافة

لا تخفى على أي مسلم تلك المواقف التي جاهد فيها النبي (صلى الله عليه وآله) وناضل من أجل تأسيس الإسلام وتحمل المآسي والمتاعب بغية انتشاره في الأرض، فهل يعقل أن النبي بعد كل هذه التضحيات وتقديم الشهداء وصرف الإموال وإقامة الحكومة وتأسيس الحضارة الإسلامية، يترك الأمة إلى حالها ولا يوصي بالخلافة؟ سيما آنذاك فقد كان الكيان الإسلامي معرّض للخطر من قبل المنافقين والإمبراطوريات المعارضة للإسلام.

إنّ الشيعة بناءًا على آيات القرآن الكريم والروايات المقبولة عند المسلمين والتأريخ الواضح، تعتقد أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد نصب الخليفة في حياته وشاد هذا البناء في عدة مواطن.

وإنّ في غرّة ما تستدل به الشيعة على خلافة النبي هو حديث يوم الدار الذي تم فيه تنصيب علي بن أبي طالب (عليهما السلام) خليفة للنبي. وذلك بعد أن أمر النبي بالدعوة العامة بعد نزول الآية وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ[1] فدعى عشيرته ثم قال: يا بني عبدالمطلب إني والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، جئتكم بخير الدنيا والاخرة، وقد أمرني الله ان أدعوكم اليه ، فأيكم يؤازرني على أمري هذا على ان يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ فأحجم القوم عنها غير علي ـ وكان أصغرهم ـ إذ قام فقال: انا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ رسول الله برقبته وقال : إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا.[2]

ومن أقوى ما تستدل به الشيعة على الخلافة بعد النبي هي واقعة الغدير التي تم فيها تنصيب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) للخلافة والولاية بعد النبي حيث قال (صلى الله عليه وآله) في خطبة الغدير: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ[3] وقد تواتر هذا الحديث على ألسنة المسلمين سيما العلماء منهم فذكر كرارًا ومرارًا في كتبهم.

كذلك حديث المنزلة الذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله): يَا عَلِيُّ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى طَاعَتُكَ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ بَعْدِي كَطَاعَتِي فِي حَيَاتِي غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي.[4]

ومواقف وروايات أخرى للنبي (صلى الله عليه وآله) تثبت لنا أنّ النبي أوصى بالخلافة في حياته ولا يترك الأمة من دون تعيين خليفة.

المصادر:

[1] .الشعراء، الآية214.

[2] .المراجعات، ص304.

[3] .الاحتجاج، ج1، ص136.

[4] .المصدر، ج1، ص113.